الأربعاء، 13 يونيو 2012

النظرة للمرأة بين التابو و الأخلاق

هذه التدوينة مشاركتي في يوم التدوين والزقزقة ضد التحرش الجنسي.



التابو


قيل في الأساطير الدينية، أن الله عندما خلق أدم و حواء، أتاح لهما كل ما بالجنة ما عدا ثمرة معينة (في بعض الروايات، تفاحة). ما حدث، كما تقول الحكاية، أنهما، بدون الخوض في التفاصيل، إنتهى بهما الحال بأكل التفاحة، مما حذا بالله أن ينزل بهما عقوبة الطرد من الجنة إلى الأرض.

هذه الحكاية، سواءاً كنت من المصدقين بها أم لا، تتعامل مع حقيقة نفسية، و هي أن كل ممنوع مرغوب. ربما ليس بالمطلق، لكن عندما يكون هناك دافع داخلي غرائزي لهذا الممنوع، و هو بهذه الحالة الجنس، فإنه الرغبة به تأخذ شكل من اللا عقلانية لدرجة تتجاوز الأخلاقيات. و عندما أتحدث عن الأخلاقيات، فأنا أتكلم عن أخلاقيات المعاملة بين أفراد المجتمع، و ليس الأخلاقيات الدينية التي إرتبطت أحياناً بأمور تدخل في مجال الحريات الفردية، كالجنس و الكحول.

حتى أكون أكثر وضوحاً، فأنا لا أتكلم عن منع حرية ممارسة الجنس حتى، بل عن عقلية منع كل ما يمكن أن يتصل بالجنس بالمفهوم الإجتماعي. يعني، عندما يصبح لبس الفتاة للبس قصير أو ملابس خفيفة، حتى في فصل الصيف، أمراً محظوراً إجتماعياً، تتعز فكرة التابو لشيء طبيعي في عقلية أفراد المجتمع، مما يعزز بدوره الرغبة العنيفة لهذا الشيء أكثر من الدافع الغريزي نفسه.


الأخلاق

في أحد الإعتصامات، دار حوار بيني و بين شخص، أصفه كمحافظ وسطي، و يصف نفسه كليبرالي لسبب لا أفهمه. سألته ما مشكلتك مع الحرية الجنسية طالما أنها لا تؤثر عليك فعلياً. فقال لي، هل ترضى أن تخونك زوجتك؟ هل ترضى أن تغتصب أختك؟ فهنا هو قام بخلط مسائل أخلاقية، مثل خيانة الثقة و الإتفاقيات كما الحالة الأولى، و فرض أمر على الشخص بالقوة كما الحالة الثانية، مع الحرية الشخصية.

ترى صورة لإحدى مشجعات اليورو (التي إنتشرت مؤخراً) و هي تظهر مفاتنها، فترى تعليق أعجب البعض يقول "البت دى لازم تغتصب فورا". ترى خبراً البارحة أن شخص سجن بسبب قبلة، تقرأ التفاصيل، فتجده متحرشاً جنسياً. حتى عندما سحلت فتاة منقبة من قبل الجيش، كان يجب إيجاد تبرير نفسي للفعل، فقيل "هي إيه اللي وداها هناك؟".

الأمثلة، إن أردنا سردها، لا تحصى، و كل يوم يأتينا بغيرها. العبرة أن هناك إنحطاط أخلاقي كبير في علاقتنا مع الأخر، نحاول تبريره بشيطنة الأخر أخلاقياً. هذا التكتيك النفسي يستخدم في البروبغندا العسكرية، و يستخدمه المتحرشون ضد المرأة. و طالما أن التصرفات العادية للمرأة بقيت بحيز التابو، و طالما أن هناك عدم وضوح في مسألة أخلاقيات التعامل مع الأخر كأولوية في المجتمع، ستكون كل الحلول للتحرش حلول موضعية مؤقتة، بل و ستظهر آفات إجتماعية أخرى، طالما البيئة النفسية و الثقافية خصبة لظهور هذه الآفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شير يا عم الحج